وقفت تندد بختان الإناث في وسط الصحاري الإفريقية حيث لم يسمعها أحد، والآن هي ناشطة سياسية حقوقية معروفة دوليًا - جاها دوكريه.
كانت تبلغ من العمر أسبوعًا واحدًا عندما تعرضت جاها للنوع الثالث من الختان، والذي هو عبارة عن تخييط المهبل بشكل كُلي وترك فتحة الإيلاج فقط، مع قطع الأجزاء الخارجية منه وكيّ الجرح بعد ذلك، نعم كل ذلك وهى تبلغ أسبوعًا واحدًا!
تخيل طفلة بمثل هذا العمل الصغير، يحدث لها ذلك في وسط صحاري إفريقيا حيث لا يوجد أي نوع من التعقيم أو أبسط المواد المخدرة.
في حقيقة الأمر جاها لم تكن أول أو آخر طفلة يحدث لها ذلك، فهنالك أكثر من 8 مليون أنثى افريقية تعيش الآن بتداعيات عملية الختان، وخصوصًا النوع الثالث هذا.
هل فكرت من قبل في كيفية إجراء هذه العملية على البنات في مثل هذه الأعمار الصغيرة؟
يجبرون الفتاة على الجلوس في وضعية القرفصاء، على كرسي ذو فتحة كبيرة في منتصفه، ويجلس الشخص الذي يقوم بإجراء عملية الختان أسفل هذا الكرسي حتى يستطيع الرؤية بكل وضوح.
يساعده فردين في فصل قدمي الفتاة عن بعضهما كلما تـآوت أو قامت بضمهما معًا نتيجة لما تشعر به من ألم. وفي هذه المرحلة يتم تخدير الفتاة إذا توافرت المواد المخدرة، وإذا لم تتوافر.. حسنًا، يمكنك تخيل الألم!
كالعادة، القرآن يأمر النساء بالختان!
في الجامبيا، هناك أكثر من تسع مجموعات عرقية، واحدة من هذه المجموعات هى مجموعة جاها المسلمة.
كما هو متوقع، كثير من المجتمعات الإسلامية تخلط بين ما هو محرم دينيًا وبين ما هو مرفوض مجتمعيًا، هذا الخلط يأتى من رجال الدين الفسدة الذين يحاولون السيطرة على جموع الناس بأسم الدين.
ولهذا عندما تأتي سيرة الختان في الفضائيات، فإن الرد التلقائي يكون: "لأن الإسلام هو السبب" في حين أن الإسلام لا يمت بصلة لأي من هذه الممارسات الوحشية!
ما الذي فعلته جاها لكي تنشر فكرتها للعالم؟
بعد وفاة والدتها، أنتقلت جاها من جنوب إفريقيا إلى ولاية نيويورك حيث تزوجت وهى بعمر الخامسة عشر من رجل كان قد رُتب لها الزواج منه منذ سنوات. هذا الزواج كان بمثابة باب حرية لجاها إذا نظرنا للأمر بشكل أعمق، ولكن دعونا نكمل.
خلال زواجها، كانت جاها تعاني كثيرًا أثناء اللقاء الحميمي بينها وبين زوجها، نتيجة لعملية الختان البشعة التي مرت بها خلال طفولتها، ولكي ترحم نفسها من هذا العذاب قررت بإجراء عملية جراحية لعكس فعل عملية الختان.
بعد فترة من الزواج، تطلقت جاها، ونجحت في الإلتحاق بمدرسة نيويورك الثانوية بعد أن تم رفضها من قِبل عشرة مدارس أخرى لعدم توافر أوراق ثبوتية لولي أمرها.
عام 2013 حصلت على البكالوريوس في الإدارة وريادة الأعمال بعد إلتحاقها بجامعة جورجيا. فور تخرجها قامت جاها بتأسيس جمعيتها الخيرية للبنات اللاتي مروا بمصاعب الختان وأسمتها "أيدٍ آمنة من أجل الفتيات".
وأخيرًا، في أبريل 2016 كانت جاها واحدة من أهم الشخصيات الـ 100 المؤثرة وفقًا لمجلة النيويورك تايمز. ومازالت رحلتها مستمرة حتى هذه اللحظة.
___________________________________________
1- في معظم الأوقات ننظر إلى الأحداث السيئة على انها عقبات تمنعنا من الوصول إلى اهدافنا، في حين أن هذه العقبات أحيانًا تكون بوابات لمستقبل واعد.
2- عندما كنا نعيش حياتنا بكل راحة، نطالب بالمزيد والمزيد من الحقوق، كان هنالك نساء في جميع بقاع الأرض يطالبن بأقل الأقل من حقوقهن!
3- هل يمكن لك أن تتخيل هذه العادات والتقاليد الملتوية التي توجب بإيذاء الأطفال الرضع من أجل الشرف! هل يمكن لك أن تتخيل كم أنت محظوظ الآن؟!
4- علمونا أن ننتظر قدوم فارس الأحلام الذي سنتزوجه ويحقق لنا جميع أمانينا، ولكن مالالا وجاها لم ينتظرن، فقد سعوا لتحقيق أحلامهن!
5- نعم، مما لاشك فيه أن مالالا وجاها من أكثر الفتيات الصغيرات نجاحًا وإصرارًا، ولكن هل لنا بتوسيع المنظور قليلًا؟
هل كان من الممكن أن تصبح مالالا ما هى عليه الآن دون حث والدها لها على أن تقوم بكتابة مذكراتها اليومية وإرسالها إلى عمار؟ هل كان لجاها أن تلتحق بالمدرسة دون مساعدة بعض أفراد عائلتها المقيمين في الولايات المتحدة منذ سنين؟
Written by ENGY HASSAN
Commenti